الاثنين، 25 مارس 2013

وفي الصمت سفري الطويل


ما بها ؟ (عقلها غائب ) فاقدة  للوعي ، أم أنها تفتح عينيها أثناء النوم ؟ ( كالأرنب تماما  مثلما تقول عمتي)

  حزينة، تعاني مشكلا ما ، ربما المسكينة  لديها حبيب تفكر فيه  أو  تحلم بفارس أحلامها ؟

هذه الثرثرة أيها العابر ستلوث أذناك  كلما عبرت عوالم الناس في صمت،ستجبر نفسك حينها على الغرق في ذلك الصمت لأنك لن تحتمل ابتلاع كل تلك الأسئلة الفضولية، والحقيقة أنني أهوى تلك الغيبوبة عمن حولي كلما وجدت أنها هي الحل فغالبا ما يكون سفري القصير هجرة طويلة  للخيال، يتسلل  بصري عبر نوافذ الإغاثة إلى الحقول والمزارع التي نمر بها، وكعادتها بكل نهاية أسبوع أو عطلة تعج المحطات بالمسافرين وتقيم الضجة مسرحياتها المعتادة. لكن، بمحطة القطار الأمر يختلف قليلا، خاصة عندما  يدوي صوت  ملائكي رقيق: " نعلم السادة المسافرين أن موعد الإنطلاق سيتأخر بنصف ساعة "، وتختمها بالإعتذار لسبب اظطراري، حقيقة لا أعرف لما يختار الجنس اللطيف لمثل هذه المزح، وعلى الأغلب يتم اختبار أصواتهن قبل الاختيار، هل هي رقيقة؟ مؤثرة ؟ حنونة؟ لربما تضفي القليل من الهدوء والسكينة على قلوب المسافرين، ليسترخوا في قيلولة الانتظار، وما إن يصعدوا ويسكنون إلى مقاعدهم حولك، حتى أتمنى من كل قلبي أن يغضوا في نوم عميق وطويل، لأتمكن أنا من السكون لنفسي، وتخليصها من ضجيج جاراتها، وتحرير البصر الذي أسرته الكتب، والجدران الإسمنتية، و صفحات العالم الأزرق، ليتأمل هذا العالم الشاسع الممتد بين زرقة السماء وتلونات الأرض.

سكوتي يزعج الكثيرين، وكلام الكثيرين يزعجني فلا أملك غير تحرير هذه الروح  المسكينة لتهرب بعيدا في رحلة انعتاق قبل أن تعود لدارها ، ولكم مرة تمنيت أن أضيع  لبضع أيام بين شعاب غابة بعيدة أو فجاج جبال شاهقة ، ولكم تمنيت السكون في كوخ خشبي خلف تل أو على سفح جبل، حتى يستقيم لي القرار في حياة أشتركها و الناس.

وحده الصمت ذلك الرفيق الوفي عند كل رحلة بين عوالم الناس، يملؤها الضجيج وتتلوى الألسن في فوضى تهدر الكلام وتمارس الوأد في حق الحروف، لا أعرف لما يثرثرون كثيرا وفيما يتحدثون ؟ وكثيرا ما أستغرب لشعوري بالتعب بعد حوار ليس بطويل، وحاجة عضلة لساني إلى استراحة، وفي حين غفلة تجدها مخيلتي منفذا للفرار، والتحليق في عالم الصمت الجميل.